أهلا بكم، عساكم بخير جميعا..
“عمري 23 سنة ولم أحقق شيء، انصحوني..عمري 25 وأشعر بالضياع كوني لم أحقق شيء، ماذا علي أن أفعل؟ ..لماذا لم أحقق شيء في حياتي وأنا قد بلغت الثلاثين….؟؟” هل صادفتك أسئلة من هذا النوع خلال تجولك في مواقع التواصل الإجتماعي، شخصيا تصادفني يوميا خاصة في موقع كيورا، لا أدري ماهو المعيار الذي يُقيّم به هؤلاء إنجازاتهم، أم أن سياسة المواقع القائمة على كتابة المؤهلات في الوصف و الخاصة بكل عضو تجعل مجال المقارنة يكبر والشعور بالتشتت يزيد في كل مرة يشاهد فيها مؤهلات شخص ما، فلان مصمم محترف خبرة عشر سنوات، وآخر صاحب المؤسسة الفلانية و رئيسها التنفيذي منذ سنة كذا،وهذا رحالة.. وآخر وآخر…الجملة أعلاه تجعلنا نستنتج بأن صاحبها قد وضع حدودا لنجاحه بما حققه غيره،بحيث أن هدفه الأسمى هو كتابة جملة مفيدة في وصفه، فيدعوني ذلك للتساؤل: هل الغرض من هذا الشعور هو فقط ملء قائمة المؤهلات ؟
أردت أن أتحدث في هذه التدوينة عن سبب شعورنا الدائم بالنقص تجاه الإنجازات التي نسعى لتحقيقها خلال مرحلة عمرية معينة، شخصيا أرى بأنه لا داعي لهذا الشعور أن يكون، لعدة أسباب سأذكر من بينها :
- أولا هل تعتبر العشرين سنة التي قضيتها من حياتك تعبر عن خبرتك فعلا في القيام بشيء ما، كيف تقوم بحساب سنوات حياتك و أنت قد بدأت من عمر صفر، هل تعتبر السنة الأولى من حياتك خبرة أم أن سنواتك التي قضيتها في المدرسة وفي التعليم كافية لتعتبرها خبرة، دعني أخبرك أنك لم تكن تمتلك زمام حياتك حينها فلم القلق، ست سنوات في المرحلة الإبتدائية وأربع في المتوسطة وثلاث سنوات في الثانوية لتذهب إلى الجامعة وتتخرج على الأقل وعمرك ثلاث وعشرين سنة كأقل تقدير، الآن فقط بدأت حياتك، أنت في نقطة الصفر، لماذا؟ لأن كل ما سبق كانت فترة تلقين فقط كنت تتبع قوانين محيطك والآن هو وقت لقاراراتك الشخصية التي ستؤثر على مستقبلك فعلا وهو وقت بدء إنجازاتك على أرض الواقع، مازال أمامك الكثير لتقلق بشأنه، لو أخبرتني بهذا وأنت بعمر الثلاثين سأعذرك لأنه لديك سبع سنوات منذ بدأت حياتك الفعلية ولم تحقق شيء ولكن هذا ليس معناه أن تقسو على نفسك وتحاسبها بما لم تكن هي سبب في حدوثه.
- لا تهتم بكتابة قائمة المؤهلات في مكان الوصف على حسابك في أي موقع كان بقدر ما تهتم بنوعية المؤهلات في حد ذاتها، رأيت الكثيرين ممن كانوا في وقت سابق قد قاموا بإنجاز ما، صاروا معروفين لدى الآخرين به، قاموا بكتابة ما أنجزوه في حياتهم على حساباتهم الشخصية، ولكنهم حاليا في مرحلة الركود، لم يستمروا في عمل الإنجازات لماذا؟ لأنهم قاموا بإشباع رغبتهم في ذلك، ولم تكن نيتهم الأولى في الإنجاز هي تطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم وإنما فقط إعطاء صورتهم للآخرين..لذلك حاول أن لا تقع في الخطأ ذاته، إذا قررت تعلم مهارة فليكن قصدك من ذلك هو تطوير ذاتك وبناء قاعدة قوية لمؤهلاتك .
- كثرة التوقعات حول إنجازاتنا تجعلنا نشعر بالقلق والتشتت دائما، فتجد نفسك تقول في سنة كذا سأكون أنهيت كذا، وفي عمر كذا سأكون قد قمت بكذا وكذا، هذه التوقعات ستشعرك بالتشتت إذا ما حدث أمر طارئ وأدى إلى تأخر إنجازك ستشعر بالضياع وبعدم القدرة على الإنجاز والإستمرارية، لذلك لا تضع توقعات كثيرة، صحيح أن وضع الأهداف و رسم خطة واضحة تمشي عليها شيء لابد منه، ولكن خطتك لابد أن تكون مرنة وتتغير بتغير المؤهلات و الإمكانيات كذلك.
- لا تحاول أن تهتم بالصورة وتهمل المضمون، لا يهم ماذا حققت وما لم تحقق بقدر ما يهم أين أنت الآن، هل تسير وفق ما خططت له أم صار كل شيء يسير بعشوائية، استمر في التعلُّم ولا تتوقف، استمر في تطوير مهاراتك ولا تضع لها سقفا أو مقياسا محددا، مادمت على قيد الحياة ولديك فرصة للتطور فلا تتوقف!
ما حفزني لكتابة هذه التدوينة هي النشرة الأسبوعية الأخيرة التي أصدرتها شروق عندما تتشابه عليك الطرق اختر واحدا وانطلق ! لقد قرأتها أكثر من مرة، بالفعل يا شروق الحجر الصحي جعلني أكتشف أشياء كثيرة كنت أجهلها عن نفسي، ومن بينها التوقف عن الجري أحيانا يكون دافعا لإنطلاقة جديدة..سأعمل بنصيحتك بالتأكيد.
تشعر أنك شخص فاشل، وأن مستقبلك مجهول جدا: come on, it’s just a life anyway
هنيئا لك أستاذ يونس لبلوغك 313 يوما من التدوين اليومي تدويناتك المليئة بالروابط جعلتني أزورها بشكل شبه يومي للتجول في المواقع.
عصمت يقول بأنه ليس لديه طقوس خاصة لتدوين أفكاره، فكهفه ببساطته يفي بالغرض كما صرح في تدوينته من كهفي إلى العالم، نعم يا عصمت ما تعلمته أن الإبداع وليد البساطة فلا تتوقف عن الإلهام! فالأفكار قد تأتينا ونحن نقوم بالأعمال المنزلية وفي غياب فنجان القهوة كذلك.
منير ننتظر تدويناتك الجديدة بعد حديثك عن مفهوم الحياة الكريمة .
أخيرا وجدت عنوانا للتدوينة، كتبتها وأنا أستمع لمعزوفتي المفضلة Prelude and Nostalgia من طرف YANI ، ولم أفكر فيه قبلاً لأني كنت أريد فقط أن أدون.
شاركوني آراءكم في التعليقات حول موضوع التدوينة، أريد إضافاتكم..
دمتم بخير جميعا، حافظوا على سلامتكم وسلامة ذويكم.
ما كتبته يا خديجة في هذه التدوينة بالغ الأهمية، ما يحدث اسميه لعنة السعي نحو النجاح، والزخم الذي نعيشه كما ذكرت في مجموعة المؤهلات وما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من صور تكريمات ورحلات و و و، يجعل الاشخاص تستصغر نفسها وتتأثر سلبا بكل ما يطوف حولها من نجاحات، وكما ذركت تماما ان النجاح لا تربطه مؤهلات، ولا صور جميلة.
هناك كتاب جميل أدعوك لقراءته عنوانه “قلق السعي الى المكانة” تأليف آلان دو بوتون وهو يحكي عن تاريخ هذه المشكلة الاجتماعية والتي لها تأثير نفسي وسلوكي على الأشخاص، وعلى الرغم من أن الكتاب لم يكتب في زماننا إلا انه يوضح كيف نشا هذا الشعور والى اين يمكن ان يأخذنا، لكن هذه الظاهرة صارت مقلقة مؤخرا بسبب الانفتاح الذي مكنته الانترنت وبالأخص سلبية مواقع التواصل الاجتماعي التي سقطت في دهليز المفخرة الكاذبة، وسطحت فكرة النجاح.
لكن الحقيقة ان النجاح في حد ذاته كمفهوم يختلف من شخص الى اخر، ومن الجيد ان يعود الانسان خطوة الى الوراء ومشاهدة الصورة كاملة ليعرف اين هو واين يمكن ان تكون الخطوة القادمة.
شكرا للاشارة خديجة .. دام قلمك ودام نجاحك وتألقك
إعجابLiked by 2 people
إضافة جميلة فعلا شروق سلمك أناملك، أوافقك الرأي كثرة وسائل التواصل زادت من حدة المقارنات للأسف.
بالنسبة للكتاب سأحتفظ بالعنوان لأقرأه .
شكراً جزيلا لتفاعلك، موفقة عزيزتي❤️
إعجابLiked by 1 person
حقًّا لا يسعني في تعليق بسيط أن أدلي بالتعقيبات التي لدي على هذا الموضوع المهم يا خديجة (سلمت يُمناك)، في تدوينة مستقبلية سأشير لهذه التدوينة وأدلي بما أريد.
المسودة جاهزة في مدوّنة منير تحتاج للضغط على زر النشر ^_^
إعجابLiked by 1 person
سأنتظر تعقيبك على الموضوع بالتأكيد،
تشجع واضغط على زر النشر
كل التوفيق منير ^_^
إعجابLiked by 1 person